...// الصالحية معبر إلى التاريخ السوري //...

الصالحية

معبر إلى التاريخ السوري

تشير الحركة في حي الصالحية إلى حيويته وخدماته الكثيرة وقدرته على تلبية احتياجات زواره بعدما تكاثرت داخله المحال التجارية والمؤسسات العامة والعيادات الطبية والمرافق السياحية العامة، إذ يمتلئ بالزوار والسياح على مدى امتداده من بوابة الصالحية حتى أول شارع الطلياني المتصل بشارع الجسر الأبيض.

ورغم أن هذا الحي اكتسب شهرته كسوق تجاري ينافس الأسواق الأخرى ، ويؤثر في حركة سوق الحميدية القديم، وشكّل أكبر تجمع تسويقي، إلا أن أبنيته الحديثة لم تستطع إلغاء تاريخه وأثريته وانتماءاته القديمة، وهذا ما تؤكده الحركة السياحية المستمرة في أرجائه.

تأسس حي الصالحية بوصول العمارة الحديثة إلى منطقة الجسر الأبيض المملوءة بالبساتين الخضراء بسبب مرور مياه نهر ثورا داخل ممراتها الأرضية، وهو أحد أنهار دمشق السبعة المتفرعة عن نهر بردى الأساسي، وكانت هذه المنطقة مأهولة بالسكان بسبب توفر الخضرة والماء، ومن هنا كانت ولادة الحي، وعلى مدى الوقت بدأت أبنيته بالهبوط عن سفح جبل قاسيون لتغطي تدريجياً بساتين المنطقة الواصلة بين الجسر الأبيض وأحياء دمشق القديمة داخل السور، وكانت بداية تشييد وتوسيع الحي على يد المهاجرين من القدس في القرن الثاني عشر الميلادي خاصة عائلة قدامة التي انتقلت من قرية جماعين قرب نابلس بعد مقاومة الهجمات الصليبية. وحين التجأ الشيخ أحمد بن محمد بن قدامة إلى دمشق في حقبة حكم نور الدين الزنكي عام 1156 بعد إصدار قرار بقتله مع بعض أقربائه، أقام في مسجد أبي صالح خارج الباب الشرقي لسور القلعة القديم، ومع تكاثر اللاجئين من عائلة وأقرباء الشيخ انتقل معهم إلى مكان في سفح جبل قاسيون وبنى جامعاً اسمه جامع الحنابلة، وبعد وفاته حرص ابنه أبو عمر محمد على إكمال مشوار عائلته من علماء الدين وبنى مدرسة العمرية، وتحولت المنطقة تدريجياً إلى معقل للعلم، واتسعت بعدها ضاحية الصالحية في أيام الدولة النورية الأتابكية، وسمي أحد أحيائها لكثرة مدارسه بحي المدارس، وحافظت على مكانتها العلمية في العهدين الأيوبي والمملوكي وشهدت نهضة علمية وعمرانية عظيمة حققت للمنطقة الاتساع السريع حتى بلغ عدد المساجد فيها في نهاية القرن الخامس عشر 70 مسجداً، إضافة إلى الأضرحة والمشافي والمساكن من طراز معماري متنوع.

لم تتوقف حركة التوسّع والتجديد العمراني في الحي، وظل موقعه المهم يلفت الأنظار، فاشتهر في العهد العثماني بجامع وتكية سليم خان الأول، وتحولت الصالحية في أواخر هذا العصر إلى مركز يجذب وجهاء دمشق وأعيانها، فيبنون حول بساتينها الخضراء دورهم الصيفية فتحولت إلى مصايف خاصة بعائلات شامية عديدة.

واستمر النشاط العمراني في الصالحية بالنمو، وبرز هذا التوسع في عام 1921 حين سكنتها العائلات الثرية الفرنسية والإيطالية، وشيدت فيها العديد من الدور والمباني فوق بساتين الغوطة التي كانت تفصل أحياء المدينة القديمة عن أحياء الصالحية وحي المهاجرين، وظلت الحركة العمرانية تتصاعد حتى عام 1930 لتلغي أي أثر للأراضي الخضراء، وتنشأ الأحياء الجديدة، مما جعلها تعتبر من أرقى الأحياء الدمشقية خصوصاً مع ظهور الترام الذي أصبح وسيلة انتقال سهلة ورخيصة بين الأحياء وأضفت لمسات التجديد والتوسع المستمرة على الحي أهمية بالغة وحولته إلى منطقة تجذب أصحاب المصالح المختلفة وعدداً كبيراً من السكان.

عرفت الضاحية باسم الصالحية منذ إنشائها في القرن السادس الهجري وحتى أواخر العهد العثماني، وجرى خلاف كبير حول سبب تسميتها في كتب التاريخ، ويعتقد البعض أنها اكتسبت هذا الاسم لأنها جزء من جبل قاسيون المعروف بجبل الصالحين، بينما نسب البعض التسمية إلى أن بداية بنائها كان على يد مجموعة من الصالحين، وآراء أخرى تؤكد أن اسم الصالحية مقتبس من مسجد أبي صالح الذي التجأ إليه آل قدامة القادمين من القدس وهم أول من بدأوا ببناء وتوسيع رقعة الصالحية نتيجة هجراتهم المتوالية إلى هذه المنطقة رغم أن المسجد لم يكن موجوداً على سفح قاسيون. ويذكر المؤرخ الدمشقي ابن طولون في كتابه “القلائد الجوهرية في تاريخ الصالحية” أن الصالحية كانت تسمى قديماً “قرية النخل” أو “قرية الجبل”، لكنها ظلت معروفة باسم الصالحية.

يقترن اسم الصالحية بالشارع التجاري الرئيسي في دمشق المعروف بسوق الصالحية، ويبدو من الصعب إيجاد مكان مريح لاقتناء الاحتياجات المتعددة أكثر من هذا السوق الذي تحوّل نصفه تقريباً إلى منطقة مخصصة للمشاة فقط، بعد منع دخول السيارات إليها، وظلت مساكنها القديمة تنهض فوق محالها التجارية المتجددة حسب الديكورات الحديثة، ليشكّل الجديد امتداداً للقديم أو مزجاً معه، لكنه لم يلغ الطابع الأثري حيث يتوسط السوق مبنى مجلس النواب السوري التاريخي الذي بني عام 1929 على طراز العمارة العربية الإسلامية. بينما يمنح البرلمان السوري الصالحية أهمية كبيرة حيث شهد هذا الشارع مرور كل رؤساء الجمهورية في سوريا وهم يتوجهون إليه، وشهد أول زيارة للزعيم جمال عبد الناصر إلى سوريا بعد إعلان الوحدة مع مصر.

وعلى مدى التاريخ الطويل لحي الصالحية تعرّض لتغييرات جذرية في جوانب عديدة منه حيث انقسم المستشفى العسكري العثماني الذي شيد عام 1865م، بعد خروج الاستعمار الفرنسي، إلى قسمين أحدهما مخصص كمبنى للأركان والآخر استمر كمستشفى عرف باسم يوسف العظمة، وكان مبنياً على طراز العمارة الأوروبية بتأثيرات عمرانية عثمانية، لكنه هدم عام 1949م، وارتفعت مكانه سلسلة متصلة من الأبنية الحديثة، بينما بناء نادي الضباط القديم أقيم مكان منزل الوجيه صبحي بركات الأثري الذي تولى رئاسة الوزارة السورية عام 1922 1925م، أما مبنى المعهد العربي الإسلامي المشيد من قبل آل القباني في أوائل الثمانينات فارتفع مكانه الآن برج الصالحية الشهير الذي يحتوي مئات المكاتب والمحال التجارية الحديثة، لكن رغم هذه التغييرات الواسعة استطاع أصحاب الملكيات الخاصة للبيوت القديمة المتوارثة الحفاظ على إرث الأجداد، كما بقيت المساجد والجوامع التي مازالت توحي بطرازها المعماري الأثري لتحقق الاستمرارية الأثرية لهذا المكان القديم .

و هذه صوره

يسلمووووووووووووو

شكرا لك مواضيع رائعة صراحة

مشكور كتير ع المعلومات الحلوة

يسلمووووووووووووووووووووووووووو

تسلم و لا تحرمنا من جديدك

ثانكس على الموضوع

مرسييييييييييي

مشكوووووووووووووووورة