الغش فى الامتحان فى الميزان
*أتسعد: حينما يضبطك المراقب ويكتب على ورقتِك: غشاش؟!
*لماذا تخاف: المراقب، ولا تخاف الرقيب عز وجل؟!
*أتسعد: حينما تُعَلَّق ورقة فى الكلية أو المدرسة، مكتوب فيها: أنك فُصِلْتَ نهائيا؛ لأنك: غشاش؟!
*لماذا تخاف فضيحة الدنيا، ولا تخاف فضيحة الآخرة؟!
*لماذا تسْوَد الدنيا: إذا ضُبطت بالغش، بينما تصر على أنه: حلال! وأن حديث النبى صلى الله عليه وسلم ((من غشنا فليس منا)) مسلم(101). خاص: بالغش فى الموازين فقط!!
*تقول: الغش حلال! أيُسعِدُك أن تنادَى يا غشاش! وهل يُسعِدُك أكثر أن يناديكَ الله يوم الحساب أمام الخلائق: أين الغشاش فلان بن فلان؟! قال عز وجل (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ) الفجر(14).
*لِمَ تجتهد فى البراشيم، وتختلس النظر لها فى غفلة المراقب؟! قال عز وجل (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأعْيُنِ وَمَا تُخْفِى الصُّدُورُ) غافر(19). قال عز وجل (إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَىْءٌ فِى الأرْضِ وَلا فِى السَّمَاءِ) آل عمران(5). من البراشيم الحاسبة المبرمَجة، رسائل، ومكالمات، وذاكرة المحمول.
*تقول: لا ذنب علىَّ؛ فالغش ظاهرة جماعية! ابدأ بنفسك؛ قال عز وجل (وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِى الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ) الزخرف(39). ولا تقل: سأغش فى الثانوية لأحفظ حقى! فالغش بباقى اللجان، ونصف الدرجة تفرق! إن الله عز وجل سيحفظ لك حقك: إن تركت الغش طاعة لله ورسوله؛ قال صلى الله عليه وسلم ((احفظْ الله يحفظْك)) صحيح الجامع (7957). فهل تصدق الله ورسوله؟ أم تشك فى ذلك؟!
*تقول: لا ألجأ للبراشيم، لكن إن استطعت: نقل المعلومة التى أحتاجها أفعل! قال عز وجل (وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) الزلزلة(
. وهذه سرقة! قال صلى الله عليه وسلم ((منِ اقتطعَ حـقَّ امرئ مسلمٍ بيمينِه: فقد أوْجَبَ اللهُ لهُ النارَ ! وحَرَّمَ عليهِ الجَنَّةَ! فقال له رجل: وإن كان شيئا يسيرا يا رسول الله؟ قال: وإنْ قضيبا من أراكٍ!)) (سواك). مسلم(137).
*تقول: لا أنقلها لغفلة منه، بل أسأله ويجيبنى بإرادته!! قال عز وجل (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة(2). فالتعاون لا يكون إلا فيما أحله الله؛ قال عز وجل (وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِى الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ) الزخرف(39).
*تقول: وماذا أفعل والغش إجبارى؟! قف واطلب رئيس اللجنة، وحاول منع المعصية قدر المستطاع؛ قال صلى الله عليه وسلم ((من رأى منكم منكَرا:فليغَيِّرْه بيدِهِ، فإن لم يستطع: فبلسانِهِ، فإن لم يستطع: فبقلبِهِ، وذلك أضعفُ الإيمانِ)) مسلم(49). ولا تقل: دع الخلق للخالق؛ فلن أغيرَ الكونَ! إن لم تغيرْ المنكرَ، فستتعرض للطردِ من رحمةِ اللهِ! قال عز وجل (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) المائدة(78- 79). قال صلى الله عليه وسلم ((والذى نفسى بيده: لتأمُرُنَّ بالمعروف ولتَنْهَوُنَّ عن المنكر، أو ليُوشِكَنَّ اللهُ: أن يبعثَ عليكم عقابا من عِندِه، ثم لَتَدْعُنَّهُ، فلا يستجيب لكم!)) صحيح الجامع(7070). فإن فعلت، فإنك(إن شاء الله) من الناجين. قال عز وجل (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ) الأعراف(165). فإن فعلت، ولم يغير رئيس اللجنة، فقد أعذرت لله ولا جُناح عليك، لكن سُد أذنيك قدر الإمكان، ضع عينيك فى ورقتك، احجب ورقتك عمن حولك! قال عز وجل (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا) التغابن(16).
*تقول: لا أغش، لكن قد أغشش لأنقذ طالبا-يبكى-من الرسوب! قال صلى الله عليه وسلم ((من نَفَّسَ عن مؤمن كُرْبة من كُرَب الدنيا: نَفَّسَ الله عنه كُرْبَةً من كُرَبِ يوم القيامة)) مسلم(2699)! سواء كنت مراقبا أو طالبا أو صاحب مكتبة: تصور البراشيم، وتصغر المقرر فى برشام. افهم الحديث وتدبر قوله عز وجل (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة(2). فأنت تعينه على معصية! فلو رسب مرة: فسينجح بعدها كل مرة، أما من غششته: فسيعتمد على غيره، ويفشل كل مرة! فلو صار طبيبا: سيموت المرضى بأخطائه، أو مهندسا غشاشا: تنهار العمارات لغشه وأخطائه، أو محاميا غشاشا: يأخذ أموالا من موكله، وهو يعرف أن قضيته خاسرة! فكل من غششته وصار هكذا، فأنت تتحمل وزر غشه بالامتحان ووزر كل غش وفشل استمر عليه! قال صلى الله عليه وسلم ((ومن سَنَّ فى الإسلام سُنَّةً سيئةً: كان عليه وزرُها، ووزرُ من عمل بها من بعدِه، من غير أن ينقصَ من أوزارهم شئٌ)) مسلم(1017).
*تقول: لا أغش فى الدين، بل فى الفلسفة واللغة الإنجليزية! الغش غش، حرام دوما، لو سرق مسلمٌ نصرانيا أو يهوديا، بل لو سرق مسلمٌ(لا أقول مسجدا) بل: كنيسة أو معبدا لليهود. هل يقول منصف: إنه حلال؟! كلا، هو حرام لا شك فى ذلك. وليحذر الذى يحرف قوله صلى الله عليه وسلم ((من غشنا فليس منا)) مسلم(101). فيردد: (من غششنا فهو منا)! فليحذر قوله صلى الله عليه وسلم ((إن كَذِبًا عَلىَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أحدٍ؛ فمَن كَذَبَ عَلىَّ مُتعَمِّدًا: فَلْيَتبَوَّأْ مَقعَدَهُ مِن النار!)) البخارى(1291)، مسلم(4).
*أخى المراقب: إن المال أو الهدية التى تأخذها أو الطعام الذى تأكله؛ لتسهلَ الغش: هو رشوة، فضلا عن: ذنب تسهيل الغش!
قال صلى الله عليه وسلم ((لعن اللهُ الراشى والمرتشى)) صحيح ابن حِبان(5077). وصححه الأرنؤوط.
اللعنُ:الطردُ من رحمة الله! قال صلى الله عليه وسلم ((إنه لا يدخل الجنة لحمٌ نَبَتَ من سُحْت)) صحيح الترغيب(1728).
فليحذر المراقب، وليحذر الباحث الذى يسرق أبحاثا من زملائه أو من النت ويكتبها باسمه! والمدرس الذى يحذف اسم زميله من مذكرته ليكتب اسمه عليها! والباحث الذى لا يبحث، ويغير النتائج؛ لتماثلَ بحثا مشابها! والدكتور الذى لا يهتم بالإشراف على رسالة طالبه ثم يكتب اسمه عليها! والدكتور الذى يغير موضوع رسالة طالبه بعد جهده؛ بزعم أنه لا يصلح؛ ليعطيَها لطالب قريب أو ابن دكتور! والدكتور الذى يطالب الباحث بتجارب لا تتوافر بالكلية وخارج إمكاناته، أو أبحاثا بمناطق بعيدة؛ لا لشئ إلا: لأنه ليس له حظوة! ثم يذلل الصعاب لابن دكتور، وقد تخرج رسالته بلا مضمون! والدكتور الذى يكتب اسم زوجته الدكتورة على بحثه لتُرقى، رغم عدم بذلِها جهد مطلقا! والأستاذ رئيس المعمل الذى يجبر أى دكتور يستخدم معمله: أن يكتب اسمَه على البحث وإن لم يشارك به! والدكتور الذى يجامل زميله، فيعطى ابنه تقديرا لا يستحق؛ ليصيرَ معيدا على حساب طالب مجتهد: سيشكو (الدكتورين والمعيد) الذين غصبوا حقه: لله يوم القيامة؛ ليقتص الله منهم! والدكتور الذى يعطى مقررا ضعيفا (لابن دكتور فى تمهيدى ماجستير) أقرب إلى برشام!
ودكتور اللغة الأجنبية الذى يجبر الطلبة على ترجمة فيلم فاسق! والدكتور الذى يجبر المعيدة على الخلوة به بمكتبه، ويقفل عليهما الباب! والدكتور: الذى يلغى محضر الغش؛ ليجامل(زميله الدكتور، وابنه المتلبس بالغش) على حساب دين الله! ويقدم إرضاء الدكتور على رضا الله! ويخاف من سخط الدكتور ولا يخاف من سخط الله! قال صلى الله عليه وسلم ((وَايْمُ اللهِِ: لو أن فاطمةَ بنتَ مُحَمَّد سرقَتْ، لقَطَعَ محمدٌ يدَها)) البخارى(6788). والدكتور الذى يلغى شرح المحاضرة لأتفه سبب! أو يشرح بلا اهتمام! والدكتور الذى يتوعد الطلبة بالرسوب أو تقديرات منخفضة إن لم يشتروا الكتاب! والمدرس الذى يضطهد طالبا؛ ليأخذ عنده درسا! ويشرح بلا اهتمام (علــى قدر المرتب) ليأخذ الطلبة عنده درسا! والمسئول الذى يُسَرِّب الامتحان للطلبة أو للمدرسين: بأموال سُحْت! والطالب الذى يشتريه! والمدرس الذى يشتريه؛ ليعطيَه لطلبته بالدرس ليلة الامتحان! وصاحب المكتبة الذى يصور البراشيمَ، ويصغر المقرر فى برشام! فليحذروا جميعا: أن يأكلوا سُحْـتا!!
*تسأل: أيغفر الله غشى وتغشيشى سنينا؟
قال عز وجل (قُلْ يَا عِبَادِىَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) الزمر(53).
*شروط التوبة:
أولا: أن تعزمَ على عدم الغش، أو التغشيش مرة أخرى، وألا تنقلَ إجابات الواجب من زميلك: قبل بدء الدرس الخصوصى.
ثانيا: أن تندمَ على ما مضى، وتسألَ الله: العفوَ والمغفرة.
راجعها وأقرها الشيخ مصطفى العدوى (حفظه الله)