فهد عامر الأحمدي
حين تسافر الطائرة الى أي بلد تنطلق حسب خطة عمل مسبقة وجدول دقيق يحدد موعد إقلاعها (ومن أي مطار ومدرج) وموعد هبوطها (وفي أي مطار ومدرج).. ولأنها تسير وفق جدول دقيق - وحسب خطة متفق عليها - تصل إلى الموقع المستهدف في الوقت المحدد بنسبة تتجاوز 95%
وفي المقابل تخيل (فقط تخيل) صعود "الكابتن" إلى الطائرة دون امتلاك خطة عمل أو "جدول رحلة".. وحين يتصل ببرج المراقبة لا يجيب عليه أحد أو يكتشف عدم وجود رحلة تخص هذه الطائرة!!
في هذه الحالة هل سيقلع بها؟.. هل يقبل الذهاب إلى جهة لا يعرفها ولم يقررها مسبقا؟.. وفي حال (طار بها) إلى متى سيظل محلقا بالطائرة قبل أن تسقط أو يعود لنفس النقطة التي انطلق منها؟
... والإنسان بدوره مثل الطائرة إذا امتلك خطة مسبقة سيصل (بنسبة كبيرة) إلى الوجهة التي يريدها.. وإن لم يمتلك خطة واضحة سيبقى على الأرض ثابتا وإذا "أقلع" سيهدر طاقة كبيرة ووقتا هائلا ثم يسقط أو يهبط مجددا في نفس المدرج..
وهذا في الحقيقة هو الفرق بين الانسان الناجح والفاشل في الحياة؛ فالإنسان الناجح يملك خطة عمل واضحة لما يريده مستقبلا (وبالتالي سيهبط في البقعة التي يحددها بنسبة كبيرة). وفي المقابل لا يملك بعض الناس خطة عمل مسبقة وواضحة لما يريدونه مستقبلا - وبالتالي لا يصلون لأي مكان - !
.. وبطبيعة الحال؛ هناك فرق كبير بين وضع "خطة عمل" ووضع أمنيات ورغبات يشترك فيها الجميع.. فحين تسأل أي شاب مثلا "ماذا تريد في حياتك؟" قد يجيبك "المال" أو "السعادة" أو "النجاح"...
غير أن "المال" و"السعادة" و "النجاح" أمنيات فضفاضة يريدها الجميع ويشترك في حبها الجميع ولا يمكن تصنيفها كخطة عمل...
خطة العمل الحقيقية يجب أن تتضمن جدولا زمنيا، وخطوات فعلية، ووسائل تنفيذ تنتهي بتحقيق هذه الأمنيات (المال والسعادة والنجاح)..
ورغم اعترافي بأن "خطة العمل" لا تضمن الوصول للهدف بنسبة دقيقة (توازي الطائرات التجارية) إلا أنها تضل أفضل بكثير من عدم وجود خطة عمل (وبالتالي ضمان الفشل بنسبة 100%).. وكلما كانت خطة العمل ذاتها جيدة ودقيقة ارتفعت حظوظك في الوصول إلى الموقع المحدد في الزمن المحدد - وكلما كانت سيئة ركيكة وناقصة تأخر موعد وصولك أوأختلف موقع هبوطك حيث تريد!
ومن الخصائص الأخرى المهمة في أي خطة عمل: وضوح الرؤيا، والمرونة، والاختصار، والتفرد..
فكلما امتلكت رؤية واضحة عما تريد سهل عليك العمل والتنفيذ والوصول لهدفك بشكل مباشر..
أما "المرونة" فصفة ضرورية لتجاوز العقبات المحتملة وأي تغيير يطرأ على خطة العمل (وليس الهدف).
أما "الاختصار" فيعني الاكتفاء بهدف رئيسي تركز طاقاتك وجهودك عليه (فالكابتن لا يستطيع قيادة أكثر من طائرة)..
أما التفرد فيتعلق بكيفية التنفيذ وتميز الهدف ذاته.. فحين يملك الشاب مثلا خطة عمل تنتهي بتخرجه طبيباً(وهذا أمر جيد بلا شك) فإنه يشترك مع آلاف غيره في الخطة والهدف، أما حين يقرر أن يصبح طبيباً (كي يكتشف علاجا للداء الذي ماتت به والدته) فإنه يمتلك خطة عمل أكثر تفردا وتميزا - بل وأكثر نبلا ووضوحا!!
... على أي حال..
لأننا لا نتذكر كل ما نقرأ، سأختصر الموضوع في جملة واحدة أرجو أن تتذكرها أنت بشكل دائم:
"أهم صفتين تميزان الناجحين في الحياة هما:
وضوح الهدف.. والمرونة في التنفيذ"