( خلف قضبان الظلم )) &%

من الصعب ان تعيش حياةً يائسة،،فيها تدفنُ حياّ! وتموت قائما! وتبكي ساكتاً،،،انها حياة صديقي((أمجـــــــد))ذاق المر بأنواعه..فكأنه أصبح في عدادالموتى؛بل أصبح كذلك،،،قصتهُ ألمٌ وجرحٌ دفين... لم تكن تلك الكلمات التي قلتها هو كل ما نزف من قلبه الحزين،،لكنها كلماتٌ قد تنقذُ من هو مثل ((أمجــــــــــــــــد))الذي عاش حياتهُ متمنيا فقط؛؛درس ((أمجــــــــــد))نصف سنه في نفس المدرسة التي درستُ فيها بل في صفي،،لكنهُ للأسف لم يكمل المشوار!! ولم تنتهي صلتي به الى هذا الحد لإنهُ كان يقطنُ في منزلٍ بجوار منزلنا.....((أمجــــــــــــــد))كان يعاني من التئتئةُ في حديثه..وكان يعيشُ مع ابن عمه فقد كان يتيما وحيدا لوالديه؛؛لم اكن أعرف الكثير عن حياته ومع هذا أحببتُ لو انني أقتربُ لِما رأيتُ ما يعانيه مع الطلبة ,,وحتى خارج المدرسة لقد كان يلقى المتاعب في الحي لايستطيع الدفاع عن نفسه..مترددٌ في حديثه.. حتى وصل الأمر ان يخرجهُ ابن عمه من المدرسة؛؛؛؛وذات يوم.. عندما كنت عائدا مع والدي من المدرسة رأينا ((أمجـــــــــــــد))يجلسُ أمام المنزل فألقيتُ السلام عليه...فإذا ابن عمه قادما من عمله فورا نزل من سيارته موبخا إياه!!لم يستطع أبي ان يصمد فقال له:[إرفق عليه هذا يتيم]فكان رده اقسى من توبيخه:[خلّفوا غبيا وتركوه لي’لم يفلح في المدرسة حتى اراه جالسا أمام المنزل]فاستاء أبي وقال:[مسكين عله ضاق فخرج ليرى الناس لاتكن قاسيا معه]نظر الى أبي وكأنه اراد ان يوبخه هو أيضا,ثم دخل الى منزله....أدركتُ حينها ان الخلل يقع في ذلك البيت,منذُ ذلك اليوم وأنا أقتربُ من((أمجــــــــــــد)) شيئا فشيء..كنتُ أشتاقُ لرؤيته كل يوم ,,,مسكين ((أمجــــــــــــــــد))كان يحملُ قلبا حزين لايجد احداً ليطلعهُ على مافيه من ألم سوا الله,,,أصبح صديقي الذي أقضي معضم وقتي معه إما أمام المنزل أو أخذه الى منزلنا.....مر على صداقتنا ثمان سنوات تقريبا لم يرى فيها يوما سعيدا...ففي أحدى تلك الأيام جاء الي وعلى وجهه علامات الإستياء والبكاء كما لو كان أحدا انهال عليه ضربا!!سألتهُ ماباله!؟ قال:[لاشيء]ثم سكت..لكنهُ لم يتحمل السكوت كان عليه ان يصرخ,لكنهُ اكتفى بأن قال:[ضربني ابن عمي]صرختُ بغضب:[لماذا!؟]حينها انفجر بكاءً..بكى..وبكى..حتى قال:[عندما علم بما حصل عليه ابنه في احدى المواد من درجاتٍ ضئيلة..أوهمه بأنني أخفيتُ كتابه عنه حتى لايستطيع المذاكره وأنني قلتها علنا..ف أنهال عليّ أباه ضربا...]ثم عاد يبكي,,اما أنا غضبت لاجله وقلت:[لماذا لم تدافع عن نفسك وتخبره الحقيقة؟؟]رد قائلا:[لا استطيع..لن يصدقني ويكذّب ابنه,,ثم انني اخاف ان يطردني من المنزل]قاطعته وقلت:[لا..لن يطردك] ولكنني مهما قلت او مهما غضبت لن اغير شيء....لم يقف الموضوع على ذلك الموقف,,بل مواقف كثيره من بينها ان ((أمجــــــــد))جاء الي يوما ايضا وفي ذلك اليوم كان لدى ابن عمه وليمة عشاء..فكنت متعجبا لمجيئه حينها!!فقلت مداعبا اياه دون قصد:[خير مافعلت ان جئت حتى لا يتعبك ابن عمك ويزعجك.] نظر الي وسكت..ضللت افكر فيما قلت وفيما حدث..لكن العجب ان الأمر تكرر كثيرا في كل وليمة تقام!!حتى انه في أحداها لم يأتي الي,فخرجتُ اريدُ الذهاب الى الدكانة القريبة منا..فوجئت با((أمجــــــــــــد))يجلس امام بيتنا!! فرحبت به وأدخلته,كما انني عاتبته لانه لم يطرق الباب لأفتح له..كان يبدو خجولا من مجيئه عند كل وليمه في بيت ابن عمه فأردت ان أحسسه بأنني سعيدٌ لقدومه كل مره وان كل شيء على ما يرام..انزل رأسه قليلا ثم رفعه..نظرتُ الى عيناه فرأيتهما قد ملئتا دموعا..حاولت ان اغير الموضوع,,لكن دون جدوى فلم تتحمل عيناه حبس دموعها فنزلت دمعة وتبعتها اخرى ثم اخرى........تلعثم لساني ..تماسكتُ قليلا ..لكنه مالبث ان قال:[انني اكره ذلك الرجل..ثم واصل البكاء..]اما أنا انزلتُ راسي..وعجز لساني..وبكت عيني..واعتصر الالم قلبي..لم اشاء ان اساله عن كل شيء اكتفيت ببكائه فلم ارد ان ازيده الما..,,لكنني ضللت افكر ماذا افعل!!؟؟اخبرت ابي حزن لكنه لم يفعل شيئا....سألت نفسي:[كيف سيعيش ((أمجــــــــــد))بقية حياته ياترى؟؟]تخرجتُ من المرحلة الابتدائية وفرح الاهل من اجلي ووعد ابي بأن يصنع لي حفلة ادعو فيها من اشاء من زملائي..لكنني رفضت كله من اجل ((أمجـــــــــد))الذي قال لي حينما علم بنجاحي:[مبروك يا ((أســـــــامة))اتعلم انه لو تركني ابن عمي اكمل دراستي لتخرجنا معا,,لكنني لست ذكيا مثلك.]ثم ضحك وعاد يقول:[تمنيت ان اكون مثلك وان يكون لي أبا وأما وبيتا ومدرسةً]ابتسمت قليلا فلم احس بنفسي بعدها الا وانا احتضنه وعيني تدمعان واقول له:[انت ذكي يا((أمجـــــــــــد))وأنا أخاك وأبي أباك وأمي أمك أنت مدرستي التي اتعلم منها.],,,,,,ثم مضت سنتان خلالها انتقل ابن عمه الى منطقة اخرى في دورة عمل وذكر بانهم سوف يعودون الى منزلهم بعد سنتان...ودعت ((أمجــــــــــــد))وودعني بدموع مازالت تنزل من عيني حتى الان.....لم يكن ((أمجـــــــد))يريد الذهاب معهم,,طلبت من ابي ان يكلم ابن عمه ليبقى ((أمجــــــــــــد))معنا حتى عودتهم..وبالفعل كلمه ابي,لكن دون جدوى..’’’’’’’’’ مضت سنتان وكانهما مائة عام..علمتانهم سوف يعودون في صباح الغد,انتظرت بلهفة وشوق,,ويدور في ذاكرتي:[ياترى هل تغير((أمجــــــــــــــــــد))؟؟هل مازال يذكرني؟؟]لم استطع النوم من شدة الفرح,,,وجاء الصباح..نهضت بنشاط ..تريثت قليلا وقلت لنفسي:[سوف يأتي((أمجـــــــــد))إن هو اشتاق الي ]انتظرت حتى الظهر ,لكن احدا لم ياتي قلت:[عله خجولا سوف اذهب أنا فهذا الاحق ان يحدث.]ذهبت..وهناك طرقت الباب وسألت عن ((أمجـــــــــــد))في البداية قالوا انه ليس موجودا..فعدتُ اطرق الباب وسألتهم اين ذهب؟؟فكان الرد غريبا لم استوعبه قالوا:[ياأخي لقد مات] حينها..لم ادرك ماسمعت,,ذهبت الى ابي واخبرته..فهدئني ثم قال:[سوف ننتظر ابن عمه ونسأله]وبالفعل جاء وسلمنا عليه..ثم سأل ابي عن ((أمجـــــــــــد)),,قال:[((أمجـــــــــد))ياأبا أسامة رحمة الله عليه مات.]رد ابي :[ان لله وان اليه راجعون..كيف حدث هذا؟؟]فقال الظالم:[مات بإلتماس كهربائي..يارجل رحمه الله ذهب حمله.] اما أنا صعقت ..دهشت..ضللت انظر اليه!!!هل ابكي؟؟هل حقا ذهب((أمجـــــــد))؟؟ ثم لم اتمالك نفسي حتى ان قلت:[هل انت انسان لديه قلب واحساس ودم؟؟؟الى متى هذا الجمود؟الا تخاف الله ان يصيبك بمصيبة من اجل هذا الفتى المظلوم؟؟]هذا ماخرج من فمي لاقوله لهذا الرجل الظالم القاسي..ثم دخلت المنزل......وفي حجرتي اقفلت الباب عليّ ثم اجهشت بالبكاء..وانا الوم نفسي قائلا:[سامحني يا((أمجـــــــــــد))سامحني..تمنيت لو انني رأيته للمرة الاخيره..تمنيت لو انني فعلت شيئا ليسعده..تمنيت لو انني اخرجته من خلف تلك القضبان ..ضللت اتمنى حتىانتهى كل شيء وضاعت الاماني,,كان يستطيع ان يحقق شيئا مما تمناه لكنه لم يجد العون.....لقد مات صديقي الحزين ((أمجـــــــــــد))لقد مات وهو يتمنى...لقد مات مقيدا خلف قضبان الظلم..فكم هو الذي مثلك يا((أمجـــــــــــــــد)) يموت مكبلا خلف تلك القضبان؟؟؟فالله حسبهم وحسبك يا أخي

::

::

:: لاتعليق :: Exclamation

..

:: دمت مبدعاً :: ..

كــــ الود ـــــل flower